الورع عند كسب الرزق
عن كعب بن عجرة(36) قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
( كُلّ لَحم نَبَتَ مِنَ الحَرامِ فالنّار أولى بِهِ )
(رواه الترمذي وحسّنه)
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
اتق الله بطاعته ، وأطع الله بتقواه ، ولتخفَّ يداك من دماء المسلمين
وبطنك من أموالهم ولسانك من أعراضهم .
فرض الله اكتساب الرزق من الحلال وحرم اكتسابه من الطرق غير
المشروعة من غش وسرقة ورشوة ونقص في المكيال وغصب أموال
الناس. فمن اكتسب المال من الحرام فقد البركة ، فلا ترى أثرا صالحا
لماله ، وإن أنفق ماله في غذاء نفسه فهي ستلقى عقابها في الآخرة ،
وإن غذى به عياله فقد غشهم وما نصح لهم فلا عجب إن عقَّه ولده
وفسدت أخلاق من يعيلهم نحوه ونال عقاب ما فعل في حياته
ولعذاب الآخرة أشد.
قالت عائشة رضي الله عنها
إنكم لتغفلون عن أفضل العبادة ، هو الورع.
وكان عبد الله بن المبارك يقول:
رد درهم شبهة أحب إلي من أن أتصدق بستمائة ألف درهم.
قال سهل التستري:
من أكل الحرام عصت جوارحه شاء أم أبى . فالمعدة موضع يجمع
الأطعمة ، فإذا طرحت فيه الحلال صدرت الأعضاء بالأعمال الصالحة وإذا
طرحت فيه الشبهة اشتبه عليك الطريق إلى الله وإذا طرحت فيه التبعات
كان بينك وبين الله حجاب.
إن لأكل الحلال علاقة وثيقة باستجابة الدعاء. فقد روى مسلم من حديث
ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم:
( الرَجُلُ يطيلُ السَفَرَ أشعَثَ أغبَر يَمُدّ يدهُ إلى السماء
يا رَبّ يا رَبّ ومطعمهُ حَرام ومَلبَسُهُ حرام فأنّى يُستجابُ لَهُ )
وليس لمنفق المال الحرام في طرق الخير من ثواب . فإن الله لا يمحو
السيئ بالسيئ ولكنه يمحو السيئ بالحسن ،
يقول سفيان الثوري رضي الله عنه:
من أنفق من الحرام في طاعة الله تعالى كان كمن طهّر الثوب النجس
بالبول والثوب النجس لا يطهره إلا الماء.
المراجع :
ـ36ـ كعب بن عجرة بن أمية البلوي ، أنصاري أو حليف للأنصار. شهد
عمرة الحديبية ، ونزلت فيه آيات الفدية ، حيث كان مريضا في رأسه ،
فمر به النبي صلى الله عليه و آله وسلم فقال له: ” احلق رأسك وأطعم
فرقا بين المساكين ” . سكن الكوفة ومات بالمدينة سنة 51هـ وكان له
من العمر 75 سنة رضي الله عنه