غالبا ً ما كنت أتساءل, وباستغراب، عما إذا كانت بعض المريضات تعي حقيقة معنى الإحساس بالعافية وهي تقوم بأعباء معيشتها اليومية, تحت وطأة ثقيلة من فقر الدم وسوء التغذية خاصة أثناء الحمل.
إضافة إلى هذا، فإن موضوع الغذاء يلفّه في العادة الكثير من الغموض والخرافات، خاصة في ما يتعلق بغذاء الحامل والمرضع أو بالفطام. وبعض هذه المعتقدات يكون صالحا ً للأم والطفل على حد سواء, وفي هذه الحال يجب امتداحها. أما الضارة منها فيجب الإصرار على الإقلاع عنها وشرح ومناقشة ضرورة ذلك الإقلاع.
وموضوع الغذاء في أثناء الدورة قد يوقعنا في فخ التحدث في البروتينات والكربوهيدراتات والفيتامينات, إلخ ... ما يحوّل درس التوعية الغذائية إلى تمرينات مملة للذاكرة، يصعب فهمها وتقل أهميتها.
تفتخر النساء في كافة أنحاء العالم بقدراتهن ومهارتهن في الطبخ. يجب الإستفادة من هذه المهارة بالطلب إلى كل واحدة من الدايات المتدربات إعداد وجبة غذائية محلية وتقديمها في الفصل, على أن تراعي الأمكانيات المادية المتوفرة في المنطقة. وتحضير الوجبة هذه سيكون خير وسيلة تعليمية تخلق فرصة للتحدث عن القيمة الغذائية لهذه الوجبة أو تلك.
ومن الضروري كذلك زيارة سوق الطعام والخضر. وأذكر أن إحدى الدايات في زيارتها السوق, أخذت تناقش الخباز في فوائد خبز الذرة وأهميته، قياسا ً بالخبز الأبيض المصنوع من الدقيق المستورد، على أمل منها في أن تقلل من شأن الخبز الأبيض والإقبال عليه. وأثناء المناقشة، تجمع حشد كبير من
الناس للإستماع.
وموضوع التوعية الغذائية يثير مسألة بالغة الحيوية، وهي دخول عادات عذائية مستحدثة ضارة في معظمها، تعززها، للأسف، وسائل الإعلام والإعلانات التلفزيونية والصحفية (كالإعلان عن مساحيق الحليب والبسكويت والشوكولا والمعلبات والمشروبات الفوّارة) وكلها سلع تقدم بشكل أنيق جذاب وتصل إلى أبعد المناطق الريفية بل وكثرها عزلة. وقد ساهمت هذه السلع في هدم النظام الغذائي القديم وإضعاف قيمته الغذائية والمعنوية, وأدت إلى إفقار المستوى الصحي. هذه الأساليب تتطلب معارضة قوية من جانب العاملين فى مجال التوعية الغذائية ومن جانب مدربات الدايات بصورة خاصة.
وتختلف البلدان في مجال التنوع الغذائي. والكثير من البلدان النامية يعاني ضعفا ً في التنوع مما يؤدي إلى سوء في التغذية. ولا يرجع سوء التغدية في هذه الحال إلى الفقر بل إلى تكرار المادة الغذائية ذاتها كل يوم.
بجدر بالمدربة شرح هذه المسألة ومحاولة الإستفادة من عادات غذائية مستوحاة من بلدان أخرى وإدخالها إلى المطبخ المحلي.
فالبازيلا مثلا ً مفيدة, وكذلك الحلبا، إنما مناك الفول والحمص والعدس والفاصوليا. ويمكن دراسة المواد الغذائية الأجنبية والمستوردة واختيار المفيد منها خاصة وأن هذه المواد قد غزت الأسواق والبيوت فعلا ً ووصلت كما ذكرنا حتى أقاصي الأرياف.