صيد الخاطر لابن الجوزي - نصائح شتى
العاقل يدبر بعقله عيشته في الدنيا .
فإن كان فقيراً اجتهد في كسب و صناعة تكفه عن الذل للخلق ، و قلل العلائق ، و استعمل القناعة ، فعاش سليما من منن الناس عزيزاً بينهم .
و إن كان غنياً فينبغي له أن يدبر في نفقته خوف أن يفتقر فيحتاج إلى الذل للخلق .
و من البلية أن يبذر في النفقة و يباهي بها ليكمد الأعداء .
كأنه يتعرض بذلك ـ إن أكثر ـ لإصابته بالعين .
و ينبغي التوسط في الأحوال ، و كتمان ما يصلح كتمانه .
و لقد وجد بعض الغسالين مالاً فأكثر النفقة ، فعلم به ، فأخذ منه المال ، و عاد إلى الفقر .
و إنما التدبير حفظ المال ، و التوسط في الإنفاق ، و كتمان ما لا يصلح إظهاره .
و من الغلط إطلاع الزوجة على قدر المال ، فإنه إن كان قليلاً هان عندها الزوج ، و إن كان كثيراً طلبت زيادة الكسوة و الحلى .
قال الله عز وجل : و لا تؤتوا السفهاء أموالكم و كذلك الولد .
و كذلك الأسرار ، ينبغي أن تحفظ و أن يحذر منها ، و من الصديق ، فربما أنقلب ، فقد قال الشاعر :
احذر عدوك مرة و احذر صديقك ألف مرة
فلربما انقلب الصديق فكان أعلم بالمضرة