المبحث الأوَّل: مشروعيَّةُ السَّعْيِ
السَّعيُ بين الصَّفا والمروة مشروعٌ في الحجِّ والعُمْرة
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى:
{ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ
أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا }
[البقرة: 158].
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت:
( طاف رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وطاف المسلمون،
فكانت سُنَّةً )
2- وعَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال:
( رأينا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحرم بالحجِّ،
وطاف بالبيتِ، وسعى بين الصَّفا والمروةِ ) .
المبحث الثَّاني: أصلُ السَّعْيِ
أصلُ مشروعيَّةِ السَّعْيِ هو سعيُ هاجرَ عليها السَّلامُ، عندما ترَكَها إبراهيمُ
مع ابنِهِما إسماعيلَ عليهما السلام بمكَّة، ونَفِدَ ما معها من طعامٍ وشرابٍ،
وبدأت تشعُرُ هي وابنُها بالعطشِ؛ فسَعَتْ بين الصَّفا والمروةِ سَبْعَ مرَّاتٍ
طلبًا للماءِ؛ يقول ابنُ عبَّاسٍ: وجعلَتْ أمُّ إسماعيلَ تُرْضِعُ إسماعيلَ
وتَشْرَبُ من ذلك الماءِ، حتى إذا نَفِد ما في السِّقاءِ عَطِشَت وعَطِشَ ابنُها،
وجعلت تنظرُ إليه يتلوى- أو قال: يتلبَّطُ - فانطلقت كراهيةَ أن تنظُرَ إليه،
فوجَدَت الصَّفا أقربَ جبلٍ في الأرضِ يليها، فقامت عليه، ثم استقبلَتِ
الواديَ تنظُرُ: هل ترى أحدًا؟، فلم تَرَ أحدًا، فهَبَطَت مِنَ الصَّفا حتى إذا
بلغَتِ الواديَ، رفعت طَرَفَ دِرْعِها، ثم سعت سَعْيَ الإنسانِ المجهودِ، حتى
إذا جاوزت الواديَ، ثم أتت المروةَ، فقامت عليها، ونظَرَت هل ترى أحدًا؟
فلم تَرَ أحدًا، ففعلت ذلك سبْعَ مرَّاتٍ، قال ابنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما:
قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
( فذلك سَعْيُ النَّاسِ بينهما )
المبحث الثَّالث: حِكْمَةُ السَّعْيِ
1- شُرِعَ السَّعيُ؛ إحياءً لذكرى إبراهيمَ وزَوجَتِه هاجرَ وابنِهِما إسماعيلَ
عليهم السلامُ، وما كانوا عليه مِنِ امتثالِ أمْرِ اللهِ تعالى، والمبادَرةِ إليه،
فيكون التذكُّرُ باعثًا على مِثْلِ ذلك، ومُقَرِّرًا في النُّفوس تعظيمَهم .
2- استشعارُ العبدِ بأنَّ حاجَتَه وفَقْرَه إلى خالِقِه ورازِقِه كحاجَةِ وفَقْرِ تلك
المرأةِ في ذلك الوقتِ الضَّيِّقِ، والكربِ العظيمِ إلى خالِقِها ورازِقِها،
وليتذَكَّر أنَّ مَن كان يطيعُ اللهَ- كإبراهيمَ عليه وعلى نبيِّنا الصَّلاةُ والسلامُ-
لا يُضَيِّعُه، ولا يُخَيِّبُ دعاءَه