إن أردت العيش فابعد عن الحسود لأنه يرى نعمتك ، فربما أصابها بالعين .
فإن اضطررت إلى مخالطته فلا تفش له سرك و لا تشاوره ، و لا يغرنك تملقه لك ، و لا ما يظهره من الدين و التعبد ، فإن الحسد يغلب الدين .
و قد عرفت أن قابيل أخرجه الحسد إلى القتل .
و إن أخوة يوسف باعوه بثمن بخس .
و كان أبو عامر الراهب من المتعبدين العقلاء ، و عبد الله بنأبي من الرؤساء ، أخرجهما حسد رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى النفاق و ترك الصواب .
و لا ينبغي أن تطلب لحاسدك عقوبة أكثر مما هو فيه ، فإنه في أمر عظيم متصل لا يرضيه إلا زوال نعمتك .
و كلما امتدت امتد عذابه ، فلا عيش له .
و ما طاب عيش أهل الجنة إلا حين نزع الحسد و الغل من صدورهم .
و لولا أنه نزع تحاسدوا و تنغص عيشهم .