حفظ اللسانعن معاذ بن جبل قال قلت يا رسول الله أنؤاخَذُ بما نقول ؟ قال صلى الله عليه و آله وسلم: ( ثكِلَتكَ أمُّكَ يا مُعاذ وهَل يَكُبّ الناسَ في النّار على مَناخِرِهِم إلاّ حَصائِدُ ألسِنَتِهِم ) . (أخرجه الترمذي وصححه و ابن ماجه والحاكم) قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه:من عدّ كلامه من عمله قلّ كلامه. وقال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: ما من شيء أحق بطول السجن من اللسان . وعلى المرء أن يتذكر على الدوام قوله تعالى: { ما يَلفِظُ مِن قول إلاّ لَديهِ رَقيب عَتيد } (9). وقال بعض الحكماء إنما خلق للإنسان لسان واحد وعينان واذنان ليسمعويبصر أكثر مما يقول ، ثم أنه حبس بأربعة أبواب الشفتان مصراعانوالأسنان مصراعان . وما يحصل الحكماء على الحكمةإلاّ بالتفكر والصمت. للسان آفات لا تعادلها آفات عضو آخر في البدن . فمن آفاته الكذب ، والوعد الكاذب ، والغيبة ، والنميمة ، والمزاح ،والمراء ، والجدل ، والفحش في الكلام ، والكلام فيما لا يعني وفضولالكلام ، والخصومة ، واللعن ، والسخرية و الاستهزاء ، والحلف الكاذب ،والخوض في الباطل ، والتقعر ، والتشدق ، والتكلف في الكلام ، والغناء ،وقول الشعر الماجن ، وإفشاء السر ، والمدح أمام الممدوح ، والذم بما لا يستحق... ومثل هذه الآفات يستحق كل واحد منها الحذر من الوقوعفي مساوئه ، وكلها من آفات اللسان . لذلك على المؤمن أن يقول خيرا أو ليصمت(10).ـ على المؤمن أن يراقب كلامه أكثر من كلام الناس ، فلا يتكلم إلاّ بعد رَوِيَّة وتفكر ، فإذا ما نطق بالكلمة ، خرجت الكلمة منسيطرته وأصبحت ملك من سمعها . أما قبل ذلك فهي ملكه إن شاء تفوهبها وإن شاء كتمها . وعلى المرء أن لا يستهين بالكلمة ، فرب كلمةأحدثت فتنة ، ورب فتنة تسببت في إزهاق أرواح أو في خصام وشقاق. ألا تستحق مثل تلك الكلمة أن يهوي بها صاحبها في جهنم ،كما قال عليه الصلاة والسلام: ( إنّ الرجُلَ ليَتَكَلّم بالكَلِمَةِ من سَخَطِ اللّهِ ما يَظُنّ أن تَبلُغَ ما بَلَغَت فيَكتُبُ اللّهُ عليه بها سَخَطُهُ إلى يوم القيامَة ) (11). وهكذا يكون اللسان واحدا من أكثر ما يدخل الناس الناركما سيأتي في الحديث الآتي. المراجع :ـ9ـ سورة ق الآية 18. ـ10ـ متفق عليه من حديث أبي هريرة. ـ11ـ رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد وابن حبان والحاكم عن بلال بن الحرث