الراجح في هذه المسألة هو الجواز خلافاً لمن يقول غير ذلك من العلماء ، وأقوى دليل يستدل به القائلون بعدم جواز مس المصحف لغير المتوضئ والجنب والحائض هو حديث عمرو بن حزم : ( لا يمس القرآن إلا طاهر ) ، بل هو العمدة في هذا الباب...... .
والإجابة عليه من عدة وجوه كما يلي: :
الأول : فإن كلمةَ ( طاهر ) تَحْتَمِلُ أن يكونَ طاهرَ القلب من الشِّرك ، أو طاهر البَدَنِ من النَّجَاسَة ، أو طاهراً من الحدث الأصغر ؛ أو الأكبر ، فهذه أربعة احتمالات ، وحمل اللفظ على إحدى معانيه يحتاج إلى قرينة ، ولا يوجد قرينة ، وحمله على جميع معانيه فيه مخالفة لمذهب جمهور الأصوليين ، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال كما هو مقرر في أصول الفقه .
الثاني : إنَّ كتابَ عمرو بن حزم كُتِبَ إلى أهل اليَمَنِ ، ولم يكونوا مسلمين في ذلك الوقت ، فَكَوْنُهُ لِغَيْرِ المسلمين يكون قرينة أنَّ المراد بالطَّاهر هو المؤمِن .
وقال الألباني في "تمام المنة" (ص107) : "والمراد عدم تمكين المشرك من مسه"
**ومما يؤيد جواز مس المصحف لغير المتوضئ والجنب والحائض ما يأتي :
( الأول ) : ما أخرجه البخاري في "صحيحه" في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وكان فيه آية من القرآن الكريم وهي : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) [ آل عمران : 64 ] .
( الثاني ) : سئل الحسن عن الرجل يكون في خاتمه اسم من أسماء الله فيدخل به الخلاء ؟ فقال : ( أو لم يكن في خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم آية من كتاب الله - يعني محمد رسول الله - ) .
[أخرجه ابن سعد (1/475) بسند صحيح].
**أقوال العلماء القائلين بالجواز:
- 1_محمد بن سيرين:
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (7426): حدثنا أبو أسامة عن هشام عن محمد: (أنه لم يكن يرى بأسا أن يحول الرجل المصحف وهو غير طاهر) .
قلت : هذا إسناد صحيح
الحسن البصري_: 2_
أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (7429): حدثنا محمد بن أبي عدي عن أشعث عن الحسن: (أنه كان لا يرى به بأساً ) .
قلت : هذا إسناد حسن