مغادرته لبنى سعد وعودته إلى أمه في مكة
عاد محمد، صلي الله عليه وسلم، إلى مكة وعمره خمس سنوات...
عاش أياما مع أمه التي كان حزنها علي أبيه قد تجسد في ملامح الوجه أثراً رائعاً لنبل الأحزان وشفافيتها.. ورأت أمه، وفاء لذكري أبيه الراحل، أن تزور قبره بيثرب... والمسافة بين مكة ويثرب أكثر من خمسمائة كيلو متر، في صحراء قاسية، تخلو تماماً من الحياة.. وقطع الصبي الرحلة الشاقة.. بعد هذه الرحلة الشاقة.. عاش محمد بن عبد الله عند أخواله في المدينة شهراً...
رأي الصبي الصغير البيت الذي مات فيه أبوه قبل أن يولد هو.. زار مع أمه القبر المتواضع الذي دفن فيه والده.. انطبع في قلبه أول معني اليتم وهو يرقب دموع الأم الصامتة.. واحتلت المدينة بآلامها جزءاً فسيحاً في قلبه... فلما أذن الله له أن يهاجر إليها بعقيدته فيما بعد، كان يحدث أصحابه عنها وعن رحلته الأولى إليها، حديث محب للمدينة، محزون لمن تحوي القبور بها من أهله...
انقضي الشهر عند أخواله، فصحبته أمه عائدة به إلي مكة، بعد رحلة الوفاء.
.