تقول الحقائق المناخية إن "بلورة" الثلج المنفردة تحتاج إلى خمسين دقيقة كي تذوب تماماً على رمال جزيرة العرب، وإن ركامه الكثيف يحتاج إلى 18 ساعة فقط كي يتحول من الحالة الصلبة إلى السائلة، لكن فضيلة الشيخ، صاحب فتوى قتل، ميكي ماوس، الشهيرة، عاد بالأمس فقط ليمنح هذا الشعب الكريم سهرة استثنائية انقسم فيها على فتواه الأخيرة بتحريم تمثال رجل الثلج. تحولت فتوى صاحب الفضيلة إلى "الهاشتاق" الأشهر تداولاً ونقاشاً ليلة ما قبل البارحة. وبالطبع، أتفهم في شيء "ساخر" مخاوف صاحب الفضيلة أن يتحول "تمثال رجل الثلج" إلى معبود صنمي لأهالي طريف لأن فضيلة الشيخ، ولله الحمد، لازال يعيش الزمن ذاته الذي يسبق زمن "اللات وهبل". نسي صاحب الفضيلة أن أهالي طريف لا يريدون سوى المتعة بست عشرة ساعة من بلورات الثلج في مناخ عام مكتمل من جحيم الحرارة التي يصل مجموعها إلى 8760 ساعة هي مجموع ضرب أيام العام في عدد ساعاته.
نحن بهذه الفتوى المدهشة نتحول إلى شعب من "ظواهر الفتوى" الغريبة في كل شيء: من حكم جواز المائدة المفتوحة، إلى حكم جواز النوم على الكف اليسرى. لكنني لم أكن أتوقع أبداً أن يسهر شعب مكتمل على "هاشتاق" لفتوى تناقش ركام ثلج سيذوب في 16 ساعة في لحظات خاطفة من بين 8760 ساعة من بين سموم العام الواحد. لم أكن أبداً أتوقع من شيخ فاضل أن يظن لثانية واحدة أن شعباً يعبد الله بإخلاص وتوحيد سيعبد تمثالاً ثلجياً تحتاج بلوراته إلى خمسين دقيقة فقط كي تذوب على جمرة رمالنا الملتهبة.
بالمناسبة نسيت أن أكتب لصاحب الفضيلة حين شاركت ما قبل الأمس على "هاشتاق" تحريم تمثال رجل الثلج هذه الأسئلة: ما حكم نزول الثلج من السماء يا صاحب الفضيلة؟ ما حكم وجود جزيرة عربية من رمل أصفر من الممكن تحويله إلى أجساد شقراوات ستنطمر بعد دقائق من صنع التمثال مع أول موجة رياح ترابية؟ كيف تخشى علينا يا صاحب الفضيلة من عبادة تمثال من رمل أو صخر أو ثلج أو تمر في جزيرة لم تشهد صنماً واحداً منذ فتح مكة. احترم عقولنا يا فضيلة الشيخ.