من الأحاديث النبوية الشريفة التي تأمر برحمة الإنسان للحيوان، ما روى عن سهل بن الحنظلة قال: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لصـــق ظهره ببطنه – من شدّة ضعفه وهزاله – فقـــال: ( اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة)، وفي رواية: ( اركبوها صحاحا، وكلوها سمانا). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بينا رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها، فقالت: إنّـا لم نُخلق لهذا، بل خُلقنا للحرث...) رواه أبو داود.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تتخذو ظهور دوابكم كراسي)
ومن رحمة الإسلام بالحيوان، ومنها حيوانات الركوب، نهى رسول الله ص عن المُكث فوق ظهورها طويلا، فقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: ( إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر، فإن الله تعالى إنما سخّرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلاّ بشقّ الأنفس، وجعل لكم الأرض، فعليها فاقضوا حاجاتكم). وعن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( اركبوا هذه الدواب سالمة، وابتدعوها سالمة، ولا تتخذوها كراسي). وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم مرّ على قوم وقوف على ظهور دوابهم ورواحلهم يتنازعون الأحاديث، فقال صلى الله عليه وسلم: ( لا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق، فربّ مركوب خير من راكبه). وفي مسند أحمد بن حنبل، ومستدرك الحاكم النيسابوري، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تتخذو ظهور دوابكم كراسي)... وفي هذا نهى عن قضاء أوقات السمر والحديث فوق ظهور الدواب، رحمة بها، وإنما تتخذ هذه الدواب لقضاء الحاجات الضرورية، كالسفر وحمل الأثقال المناسبة، وما شابه هذا أو ذاك...
كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فركبت بعيرا، فكانت ترجعه بشدة، فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: ( عليكِ بالرفق) رواه مسلم في صحيحه. وفي رواية أن السيدة عائشة رضي الله عنه ركبت بعيرا فيه صعوبة، فجعلت تردده وتزجره، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يحبّ الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه).
ومن نافلة القول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كنّى أحد كبار صحابته، وهو عبدالرحمن بن صخر الدوسي، بأبي هريرة، وذلك لعطفه ورفقه بهرّة كانت تلازمه...
وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في الرفق بالحيوان وعدم القسوة عليه، فقد ابتسم عندما حَرَن الحمار الذي كان يركبه إلى حدّ أنه رفس الهواء فأسقط النبي من فوقه ولم يضربه صلى الله عليه وسلم، بل إنه عاد إلى ركوب الحمار الذي يصرّ على عناده ويسقط النبي من فوقه مرّة ثانية، فما كان من النبي إلاّ أن ضحك حتى بدت أضراسه...