لماذا عموم الرسائل التي تصلنا من خلال الواتساب رسائل دينيَّة وعظية؟
فهل نحن على جهل كبيرٍ بدِيننا؛ لنحتاج إلى هذه النوعية من الرسائل؟
وإن كان كذلك، فلمَ لا نرى تأثيرًا كبيرًا لتلك الرسائل في سلوك الناس؟
إن السبب - في ظني - وراء انتشار تلك الرسائل، ومحدودية تأثيرها:
هو تعلُّق الكثيرين بالأقوال، وترك الأعمال، وهذا ما حذَّر منه العلماء
الكبار فيما مضى!
قال الإمام الشافعي - رحمه الله -: "العلم ما نفَع، ليس العلم ما حُفظ"!
وسأسوق هنا ذكرًا لموقف مررتُ به من خلال التجرِبة، وهو موقف كشف
لي كثيرًا من القصور في سلوكنا الإنساني؛ لأننا ركَّزْنا على القول، وتركْنا
العمل، ثم إن كثيرًا من الوعظ الديني يفقد قيمته في ظل غياب الخطاب
التوعوي الذي يرفع من قيمة الفهم للدِّين، ويكون انعكاسه على سلوك
الناس انعكاسًا إيجابيًّا مثمرًا.
ولهذا وجدتُ أن المتابعين بالملايين لمغردٍ يُقنع الناس بالدين من خلال
التوعية، ورفعِ مستوى الفهم لهذا الدين، بينما من لا يزال يمارس
الخطاب التقليدي الوعظي لا يحظى بتلك المتابعة الكبيرة!
حدث في أحد (القروبات) التي تم ضمي إليها أنْ أرسَل أحد أعضائه –
وهو رجل كبير متقاعد من العمل - مقطعًا توعويًّا تظهر فيه امرأة!
فما كان من أحد الأعضاء المتحمسين المندفعين إلا أن عقب على المقطع
بالتنبيه على عدم إرسال أي مقطع على القروب فيه مشهد لامرأة؛
لأن ذلك لا يجوز، وهكذا!
فما كان من المرسِل الأول إلا أنْ ذكَر له بأن عليه أولًا أن يكون من
المحافظين على الصف الأول في صلاة الجماعة، ومن ثم عليه
ممارسة النقد حين يكون أهلًا له!
ومع ما حدث كانت لي وقفات مع نفسي نثرتها في هذا المقال دون أن
تكون في (القروب)؛ خشية أن أُلام، أو أن يتم استبعادي بالحذف!
لم أرَ تأثيرًا لتلك الرسائل الدينية الوعظية التي يكتظ بها القروب
في السلوك، والأسلوب في المناصحة!
ثم إن الاختلاف في وجهات النظر أدى إلى الخلاف؛ حيث تحوَّل الموضوع
إلى شخصنة معروضة أمام أعضاء القروب في جوٍّ من الصمت العام،
كما هو الحال في كثير من مواقفنا!
كما ظهر لي بأن المرأة لا تزال محل خلاف بين الناس، وكلٌّ بحسب
ثقافته، وقناعاته فيما يخصها!
ثم إن كثيرين قد جعلوا من أنفسهم رقباء على الناس، فأخضَعوهم
لمقاييسهم الخاصة في تقبُّلهم، ورفضهم!
أدركت أننا بحاجة إلى مزيد من الفهم لديننا، لا أن نحفظ نصوصًا،
ونختزل رسائل لا تتجاوز حدود أفواهنا، ولا يصل مغزاها إلى قلوبنا،
وتأثيرها في سلوكنا!