من فوائد الذكر : أن للذكر من بين الأعمال لذة لا تشبهها شيء، فلو لم يكن للعبد من ثوابه إلا اللذة الحاصلة للذاكر، والنعيم الذي يحصل لقلبه لكفي به، ولهذا سميت مجالس الذكر : رياض الجنة. قال مالك بن دينار: ما تلذذ المتلذذون بمثل ذكر الله عز وجل، فليس شيء من الأعمال أخف مؤونة منه، ولا أعظم لذة، ولا أكثر فرحة وابتهاجاً للقلب .
من فوائد الذكر : أنه يكسو الوجه نضرة في الدنيا، ونوراً في الآخرة، فالذاكرون أنضر الناس وجوها في الدنيا، وأنورهم في الآخرة .
من فوائد الذكر : أن في دوام الذكر في الطريق، والبيت، والحضر، والسفر، والبقاع، تكثيرا لشهود العبد يوم القيامة، فإن البقعة، والدار، والجبل، والأرض، تشهد للذاكر يوم القيامة. عن أبي هريرة قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : " يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا "، قال: «أتدرون ما أخبارها»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول : عمل يوم كذا كذا وكذا»( رواه الترمذي )وقال هذا حديث حسن صحيح .
من فوائد الذكر : أن في الاشتغال بالذكر اشتغالاً عن الكلام الباطل من الغيبة، والنميمة، واللغو، ومدح الناس، وذمهم، وغير ذلك، فإن اللسان لا يسكت ألبتة. فإما لسان ذاكر، وإما لسان لاغ، ولابد من أحدهما، فهي النفس إن لم تشغلها بالحق، شغلتك بالباطل، وهو القلب، إن لم تسكنه محبة الله عز وجل، سكنته محبة المخلوقين ولابد، وهو اللسان، إن لم تشغله بالذكر شغلك باللغو، وهو عليك ولابد، فاختر لنفسك الخطتين، وأنزلها في إحدى المنزلتين .
من فوائد الذكر : أن الشياطين قد احتوشت العبد وهم أعداؤه، فما ظنك برجل قد احتوشه أعداؤه المحنقون عليه غيظاً، وأحاطوا به , وكل منهم يناله بما يقدر عليه من الشر والأذين ولا سبيل إلى تفريق جمعهم عنه إلا بذكر الله عز وجل. وكذلك الشيطان لا يحرز العباد أنفسهم منه إلا بذكر الله عز وجل، وفي الترمذي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال – يعني إذا خرج من بيته – بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له كُفيت وهُديت ووُقيت، وتنحى عنه الشيطان، فيقول لشيطان آخر : كيف لك برجل قد هُدى وكُفي ووُقي»(رواه الترمذي وأبو داود)؟ وفي (الصحيحين): من حديث سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أما لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فيولد بينهما ولد لا يضره شيطان أبداً». وقد ثبت في (الصحيحين) أن الشيطان يهرب من الأذان. قال صلى الله عليه وسلم : «إن الشيطان إذا نودي بالصلاة، ولي وله حُصاص»، وفي رواية : «إذا سمع النداء ولي وله ضُراط، حتى لا يسمع التأذين...» الحديث .