يا من إليه ترفع الشكوى
إلهي كلُّ ما أقوله فأنت فوقه ،
وكلُّ ما أُضمِرُه فأنت أعلى منه ،
فالقولُ لا يأتي على حقك في نعمتك ،
والضمير لا يحيط بكُنْهك
وكيف نقدر على شيء من ذلك ،
وقد ملكتنا في الأول حين خلقتنا ،
وقدرت علينا في الثاني حين صرفتنا ؟
فالقول وإن كان فيك فهو منك ،
والخاطر وإن كان من أجلك فهو لك ،
من الجهل أن أصفك بغير ما وصفتَ به نفسك ،
ومن سُوء الأدب أن أعرِّفَك بغير ما عرَّفَتني به حقيقتُك ،
ومن الجُرأة أن أعترض على حُكمك وإن ساءني ،
ومن الخِذْلان أن أظُنَّ أن تدبيري لنفسي أصلحُ من تدبيرك
كيف يكونُ الظنُّ صواباً والعجز مني ظاهرٌ
والقدرة منك شائعة ؟
هيهات , أسلمتُ لك وجهي سائلاً رِفْدَك ،
وأضرعت لك خدي طالباً فضل ما عندك ،
وهجرتُ كل من ثناني إلى غيركُ ،
وكذَّبتُ كل من أيأسني من خيرك ،
وعاديت فيك كلَّ من أشار إلى سواك
إلهي بابك مفتوح للسائل ، وفضلك مبذول للنائل ،
وإليك منتهى الشكوى وغاية المسائل .
يا من إليه رَفْعُ الشكوى ، يا عالم السر والنجوى ،
يا من يسمع ويرى يا من إذا دُعي أجاب ،
يا سريعَ الحساب ، يا ربَّ الأرباب ،
يا عظيمَ الجناب ، يا كريمُ يا وهاب