قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( منْ لعب بالنَّردِشيرِ ، فكأنما صبَغ يدَه في لحمِ خنزيرٍ ودمِه ))
رواه مسلم
شــرح الحــديــث
يَنْهَى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن اللَّعِبِ « بالنَّرْدَشِيرِ» وهو النَّرْدُ،
فالنَّرْدُ عَجَمِيٌّ معرَّب، وشِير هو الأَسَدُ إذا كانَت الكَسْرَةُ مُمَالَةً،
وإذا كانتْ خالِصَةً فمَعناه اللَّبَن، وقيل معناه:
حُلْوٌ ورُدَّ بأنَّ الذي مَعناهُ الحُلْوُ إنَّما هو (شِيرين)، كما هو مَعْرُوفٌ عِنْدَهم الفرس،
وقدْ سُمِّي النَّردشيرِ؛ لأنَّ واضعَه- وهو مَلِكٌ مِن ملوك الفُرس- كان يُسمَّى: أَرْدَشِيرَ،
وممَّا ذُكِر في سَببِ تَسمية هذا الملِك بذلك أنَّ الأسدَ شمَّه وهو صَغيرٌ ولم يَأكُلْه، وقيل: لشَجاعتِه.
والنَّرْدُ لُعْبَةٌ مَقصودُها القِمَارُ، وأكلُ المالِ بالباطلِ،
مع ما فيها مِنَ الصَّدِّ عن ذِكر الله، وعن الصلاةِ،
وعمَّا يُفِيدُ الإنسانَ في دِينِه ودُنياه، مع ما يَطْرَأُ فيها مِنَ الشَّحْنَاءِ والبَغْضَاءِ،
ولذلك شدَّد النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في لَعِبِها وقال:
« فكأنَّما صَبَغ يدَه في لَحمِ خِنْزِيرٍ ودَمِه »، أي:
كأنَّه في لَعِبِه ذلِك صَبَغ يدَه في لحمِ الخِنزيرِ ودَمِه وأكَلَهما،
وهو تصويرٌ لقُبحِ ذلِك الفعلِ؛ تنفيرًا عنه، وتَشبيهٌ لتَحرِيمِه بِتحرِيمِ أَكْلِهما؛
فإنَّ هذا الفِعلَ في الخِنْزِيرِ حَرامٌ؛ لأنَّه إنَّما عَنَى بذلك تَذْكِيَةَ الخِنْزِيرِ،
وهي حَرامٌ بالاتِّفاقِ؛ ولذلك لم يُختَلَفْ فيه.
وفي الحديث: النَّهيُ الشَّديدُ عن اللَّعِبِ بالنَّرْدشير، ويُلحَقُ به كلُّ ما يُقامَرُ به .
الدرر السنية