كلاااااام قمة في الروعة
قِيَمُ القُرآن وَمفاهِيمه
{ رَبَّنا تَقَبّل مِنّا إنَّك أنتَ السَّميع العَليم } ..
لَمْ تَرِد كلمة " النّجاح " في القرآنِ مُطلقاًً .. بلْ وَصَفت الأعمال التي ارتَضاها الله ، وكتَب لها الأثرَ بالفلاح ؛ ثمَّ بالقَبول !
والفلاحُ .. مشتقّ مِن فلاحة الأرضِ ؛ حيث يبذُر المرء بذرة .. فإنْ تقبَّلها الله ؛ آتَتْ أُكلها إلى يوم القِيامة !
وهذا معنى ؛ { فتقَبّلها ربُها بقَبولٍ حَسن } !
قَبولاً .. جعل من الطفلة معجزة ؛ ظلّت حكاية التّاريخ !
فما هي المَسافة ؛ بين "النّجاح" و "القَبول" ؟
ولَماذا الفَلاح .. دونَ النّجاح ؟
الفلاحُ ..
هو سَعيٌ عميق في بَذر حبّة ؛ يحتاج نُموها انتظاراً طويلا ً!
الفلاحُ ..
هو صِلة الزّارع بِتقَلُّب المواسم .. وصبره .. حتى تَنبثق الفَسيلة !
الفلاحُ ..
هو الرِّعاية الصّامتة للغُصن الرّطيب ؛ حتّى يُصبح شجرة وارِفة
.. فإنْ رضي اللهُ العمل تقبَّله !
فماهو القَبول ؟
القبَول ..
هو المَسافة بين حُقول ينتابُها الجَدْب .. وحُقول لا تعرف الشَّيخوخة !
حُقول .. تظَلّ خَضراء .. يصبُّ قمحها في مَوازين صاحِبها ؛ حتّى قِيام السّاعة !
القَبول ..
هو معنى ( وإذا وقَع النّداء من الله بمحبةَ عملٍ ، أو مَحبة فُلان ؛ قَبِلتْه جميعُ البواطن ) .!
هكذا دونَ تفسير ، و لا منطِق ، ولا أسْباب ..
فقط ؛ لأنّ الله ؛ [وضَع له القبول في الأَرض ] !
وهذا يكفي .. يكفي كيْ يقول السّلف بعدها ؛ كلِمتهم العَميقة :
( أيّها المَقبول .. هنيئًا لك .. أيها المَردود في سَعيِه ؛ جبَر الله مُصيبتك ) ! لِماذا ؟
لِسببٍ واحِد .. يُعلنه القُرآن .. ألا وهو { إنَّما يتقَبل اللهُ مِن المُتَّقين } !
لذا .. قال أحدُ السّلف :
( لوَ علِمُت أَّن الله تَقَبَّلِ منِّيَ سْجدة واِحَدة ، أْوَ صَدقةِ دْرهم واِحد ؛ لم يَكنَ غائب أَحّب إلّيِ من اْلَمْوت ) !
هذا المعنى .. كانَ يكفي كيْ يقول علي - رضي الله عنه - :" لا تهتمّوا لقِلّة العمل ؛ واهتمّوا للقَبول " !
يَكفي .. كيْ يُصحّح الجَميع موازينه ، ويَفهم لماذا لم يُذكر النّجاح في القُرآن ؛ و ذَكَر القَبول عِوضا عنه !
القَبول ..
هو حياةُ العلماء .. الذين لازالت صَدى خَطواتهم مُنذ مئات السّنين ؛ في مَسامِعنا !
القَبول ..
ليسَ نجاح اللحظة الرّاهنة .. وليس لقطة الكاميرا البرّاقة .. أو نُقطة مجدٍ عابرة !
بلْ هي ؛ لحظةٌ متجذّرة في العُمق .. مُتجذّرة في مَلامح الكَون .. وفي ضَمير الوُجود !
الّذين يُدركون الفَرق .. هم من يَعرفون كيف يَحفِرون حُضورهم بإتقانٍ مُذهل ؛ عبرَ حبّة عرقٍ سخيّة .. تظلُّ تفور في تضاريسِ الفِعل البشريّ ؛ حتّى تُصبح شلّالاً .. أو رُبّما طوفاناً غامِراً !
أولئِك الّذين تتغيّر بَعدَهم الكَثير مِن المُعادلات !
ويحتارُ الشّيطان في بصيرتِهم ، وفَهمِهم لمعاني القُرآن !
هؤلاء .. همْ الّذين تظلّ حروف أسمائهم ؛ ترنُّ في عمُر الأجيالِ كلِّها !
تأمّل فقط .. كيفَ تعيشُ كلماتُ عالم مئاتُ السِّنين .. و تظلّ مَئذِنة باقية ؛ لأنَّ صاحِبها كان يغرِسها لله .. لله وحده !
وماكانَ لله ؛ دامَ واتّصل ..
وماكان لغيرِ الله ؛ انقَطع واضمَحلّ ..
وكانَ عُمره سنوات قَليلة !