الحمد لله الذي جعل مع كل عسر يسراً، وقرن مع كل صبر نصراً،
مَلَك قهراً، وقدّر أمراً، وأشهد ألا إله إلا الله سراً وجهراً،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أشرفَ البرية قدراً وأرفعَهم ذكراً،
صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه طرّا.
لا تخلو الحياة من كدر، ولا تصفو من بلاء، يتجاذبها الفرح والترح،
والإقبال والإدبار، تحلو مرة، ومرة تجفو، لا تدوم على حال،
ولا تستقيم على طريقة.
وإن أشد مرارتها بؤساً وأبشع شرابها كأساً حالُ المصاب والأسى
مما لا يملك المرء معه دفعاً ولا رفعاً؛
ذلك الحال الذي فيه يتملك الحزنُ النفوس، ويجثم عليها اليأس،
وتشعر بالعجز؛ فتسودُّ النظرة، وتخور العزيمة،
وتعشو البصائر عن تبصر منح المحن،
وتضلُّ عن سبل النجاة والسلوان إلا إن تمسكت بخصلة
هي أشدُّ ما تكون محتاجة إليها.
خصلة تشبّث بها الأنبياء والمؤمنون الصادقون وقت الشدائد
وادلهامِّ الخطوب فقادتهم إلى النظرة الإيجابية والتفاؤل وانتظار الفرج
وحسن التدبير وتبدل الحال،
خصلة لها في ميزان الشرع القدر المجلّى والقدح المعلّى؛
تلكم الخصلة هي حسن الظن بالله عز وجل التي تعني الثقةَ بالله
والاستكفاءَ به وتوقّعَ الخير منه مع مباشرة الأسباب المشروعة
في تحصيل النفع ودفع الضر.