الذنوب التى تتعلق بالحقوق
إن المعاصي قبيحة وبعضها أقبح من بعض ؛
فإن الزنا من أقبح الذنوب ،
فإنه يفسد الفراش ، ويضر الأنساب
وهو بالجارة أقبح ؛
فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال:
( قلت يا رسول الله أي الذنوب أعظم
قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك .
قلت : ثم أي ؟
قال : أن تقتل ولدك من أجل أن يطعم معك ،
قلت : ثم أي ؟
قال : أن تزني بحليلة جارك ) .
الذنوب التى تتعلق بحق الله تعالى :
وهي نوعان :
النوع الأول :
أن يكون الذنب بترك واجب يمكن استدراكه
كالصلوات والصيام والحج .
فلا بد في هذه الحقوق من التوبة مع القضاء
حيث قدر على ذلك وأمكنه ،
وفي بعض الذنوب التوبة مع الكفارة ، كالحنث في الأيمان ،
والظِهار وغير ذلك .
أما النوع الثاني :
أن تكون بسبب جهل
أن تكون بسبب جهل وعدم معرفة الله كما ينبغي ،
وتحليل ما أحله ، وتحريم ما حرمه، ونحو ذلك .
فهذا النوع تجزئ فيه التوبة فقط ،
ثم إن كان الذنب مما يوجب الكفر
فلا بد من الإتيان بالشهادتين، وإثبات ما أنكر،
وإنكار ما كان قد اعتقد مما يوجب الكفر .
وإن كان بسبب جهل أو إعراض فلا بد فيه أن يطلب العلم
ويتعلم من أمر دينه ما يعصمه
ويحصنه من الوقوع في الذنب مرة أخرى .
الذنوب التى تتعلق بحقوق الآدميين
وهي نوعان :
النوع الأول :
أن ينجبر الحق بمثله
أن ينجبر الحق بمثله من الأموال والجراحات، وقيم المتلفات
والسرقات والمغصوبات .. إلخ .
فلا بد في هذا النوع من رد كل مظلمة لأهلها ،
ورد كل حق لمستحقه من مال ونحوه، إن كان موجودا،
أو ورد مثله إن كان معدوما أو مستهلكا،
لأنه محض حق فيجب أداؤه إلى صاحبه، فإن لم يجد أهلها تصدق بها عنهم ،
وتمكين ذي القصاص منه على الوجه المشروع .
فإن لم يفعل برد المظالم إلى أهلها، واقتصر على التوبة فقط
وندم وأقلع وعزم ألا يعود ، فقد تصح توبته فيما بينه وبين الله ،
وتبقى في ذمته مظلمة الآدمي ، ومطالبته على حالها،
ومن لم يجد السبيل لإخراج ما عليه لإعسار فعفو الله مأمول .
وفضله مبذول، فكم ضمن من التبعات، وبدل من السيئات .
النوع الثاني :
أن لا ينجبر الحق بمثله
أن لا ينجبر الحق بمثله ، بل جزاؤه من غير جنسه ،
كالقذف فحده الجلد، والزنا إذا ثبت فحده الرجم أو الجلد .
أما الغيبة والنميمة ففاعلها مذنب ومستحق للعذاب
إن لم يستحل من اغتابه واقتراف مثل هذه الذنوب ما دامت مستورة
بين العبد وبين ربه لم يطلع عليها أحد، تكون توبته بالندم عليها
والإقلاع عن فعلها وكثرة الاستغفار للمغتاب ونحوه ،
وتكذيب نفسه مما قذف به، وكثرة الإحسان لمن أفسد عليه زوجته
وزنى بها، فيدعو الله لصاحب الحق ويستغفر له ،
ويذكر المغتاب والمقذوف في مواضع غيبته وقذفه بضد ما ذكره به
من الغيبة، فيبدل غيبته بمدحه والثناء عليه ، وذكر محاسنه ،
ويبدل قذفه بذكر عفته وإحصانه، ويستغفر له بقدر ما اغتاب به
والله أعلم .