حقيقة الابتلاء
١-لنفهم قبل كل شيء أن الله يبتلي ليهذب لا يبتلي ليعذب !
وكما قال ابن القيمً
” ليس المراد أن يُعذَّب ولكن يُبْتَلَى لِـيُهَذَّب ” .
التهذيب:
يعني عندما يبتليك الله فاعرف أنه يريد لك الخير العظيم من هذا الابتلاء
ليهذب قلبك فيتعلق بالله وحده ولا يتعلق بغيره، واترك عنك التفكير
بأن الابتلاء يعذبك .
٢-إذا ابتلاك الله عزوجل في الدنيا فاعلم أنه سيجبرك في الآخرة لأنه
الجبار و تأكد أنه سيعطيك إن صبرت واحتسبت وتحملت كيف ؟ ألا تعلم
أن أهل العافية في الآخرة عندما يرون جزاء أهل البلاء يتمنون
لو كانت جلودهم تقرض بالمقاريض؟
قال صلى الله عليه وسلم :
( يودّ أهل العافية يوم القيامة حين يُعطى أهل البلاء الثواب
لو أن جلودهم كانت قُرضت في الدنيا بالمقاريض )
(صحيح الجامع : 8177
٣-الابتلاء يريك حقيقة نفسك و ضعفها وحاجتها القصوى لخالقها
ومالكها، إنه يقطع من قلبك الغرور والكبرياء ويكسوك الضعف
والانكسار لله لتتضح عبوديتك له.
٤-يبتليك الله ليدخلك منزلة عالية في الجنة قد لا تبلغها بعملك
ولكنك تصلها بالبلاء ويعينك الله على الصبر عليها
– قال عليه الصلاة والسلام :
( إن العبد إذا سبقت له من الله منـزلة لم يبلغها بعمله، ابتلاه الله
في جسده أو في ماله أو في ولده، ثم صبّره على ذلك،
حتى يبلغه المنـزلة التي سبقت له من الله تعالى )
صحيح ابو داود للألباني
والله لو وضعنا هذا الحديث نصب أعيننا لهانت علينا ابتلاءاتنا
٥- يبتليك الله ليرى مجاهدتك وصبرك .
{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ المُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ
وَنَبْلُوَا أَخْبَارَكُمْ }
[محمد:31]
يقول السعدي:
فإنه لا بد أن يميز الصادق من الكاذب، وذلك بالابتلاء بالمحن، التي من
ثبت عليها، ودام إيمانه فيها، فهو المؤمن حقيقة، ومن ردته على عقبيه
فلم يصبر عليها، وحين أتاه الامتحان، جزع وضعف إيمانه، وخرج ما في
قلبه من الضغن، وتبين نفاقه، هذا مقتضى الحكمة الإلهية..)
انتهى كلامه
و الابتلاء هو اختبار من الله ليرى
مدى صدقنا ومجاهدتنا، فلا تضيع نفسك في الاختبار كي لا تخسر دنياك
وآخرتك فمن لاصبر له ولا مجاهدة ستضيع دنياه وآخرته بسخطه وجزعه
٦- الابتلاء في داخله ألطاف عظيمة من الله اللطيف. نعم كن واثقاً من هذا
فإن مع الابتلاء يأتي لطف الله ولا ينفك لطفه عنك وأنت في ابتلائك
لنتأمل معاً هذه الكلمات للسعدي في لطف الله وبالتحديد
عن لطف الله بالابتلاء .
(ومن لطف الله بعبده المؤمن الضعيف أن يعافيه من أسباب الابتلاء التي
تضعف إيمانه وتنقض إيقانه . كما أن من لطفه بالمؤمن القوي تهيئة
أسباب الابتلاء والامتحان ويعينه عليها ويحملها عنه ويزداد بذلك إيمانه
ويعظم أجره فسبحان اللطيف في ابتلائه وعافيته وعطائه ومنعه .)
وقال أيضاً:
( من لطف الله بعبده أن يبتليه ببعض المصائب، فيوفقه للقيام بوظيفة
الصبر فيها فينيله درجات عالية لا يدركها بعمله)
٧-يبتليك الله ليكفر عنك سيئاتك التي أثقلت ظهرك
– قال صلى الله عليه وسلم – : ”
( ما يصيب المؤمن من وَصب ، ولا نصب ،
ولا سقَم ، ولا حزن حتى الهمّ يهمه ، إلا كفر الله به من سيئاته )
البخاري