فوائد حديثيه
السؤال :
سمعت من يقول : إن أحاديث الآحاد لا تثبت بها العقيدة ،
لأنها تفيد الظن ، ولا تفيد اليقين .
فما هو جوابكم على هذا ؟
الجواب :
الحمد لله جوابنا على من يرى أن أحاديث الآحاد لا تثبت بها العقيدة
لأنها تفيد الظن والظن لا تبنى عليه العقيدة .
أن نقول : هذا رأي غير صواب ؛ لأنه مبني على غير صواب ،
وذلك من عدة وجوه :
1- القول بِأَن حديث الآحاد لا يفيد إلا الظن ليس على إطلاقه ،
بل في أخبار الآحاد ما يفيد اليقين إذا دلت القرائن على صِدْقه ،
كما إذا تلقته الأمة بالقبول ،
مثل حديث عمر بين الخطاب رضي الله عنه :
( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ )
فإنه خبر آحاد ، ومع ذلك فإننا نعلم
أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله ،
وهذا ما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن حجر وغيرهما .
2- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرسل الآحاد بأصول العقيدة
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
وإرساله حُجَّة مُلْزِمة ، كما بعث مُعَاذاً إلى اليمن ،
واعتبر بَعْثَه حُجَّةً مُلْزِمَةً لأهل اليمن بقبوله .
3- إذا قلنا بأن العقيدة لا تثبت بأخبار الآحاد ،
أمكن أن يُقال : والأحكام العملية لا تثبت بأخبار الآحاد ،
لأن الأحكام العملية يصحبها عقيدة أن الله تعالى أمر بهذا أو نهى عن هذا ،
وإذا قُبل هذا القول تعطَل كثير من أحكام الشريعة ،
وإذا رُدّ هذا القول فليردّ القول بأن العقيدة لا تثبت بخبر الآحاد
إذ لا فرق كما بيّنا .
والحاصل :
أن خبر الآحاد إذا دلت القرائن على صِدْقه أفاد العلمَ ،
وثبت به الأحكام العَملية والعِلمية ، ولا دليل على التفريق بينهما ،
ومَنْ نَسَبَ إلى أحدٍ من الأئمِة التفريقَ بينهما فعليه إثباتُ ذلك
بالسند الصحيح عنه . ثم بيان دليله المستَند إليه .
4- أن الله تعالى أمر بالرجوع إلى قول أهل العلم لمن كان جاهلاً
فيما هو من أعظم مسائل العقيدة وهي الرسالة :
فقال تعالى :
{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ
إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ }
[ النحل:43 ، 44 ] .
وهذا يشمل سؤال الواحد والمتعدّد .
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
فتاوى العقيدة" (صـ 18) .
قال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل :
[ سألت أبي عن الرجل يكون عنده الكتب المصنفة ،
فيها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين ،
وليس للرجل بَصَرٌ بالحديث الضعيف المتروك ،
ولا الإسناد القوي عن الضعيف ، فيجوز أن يعمل بما شاء ويتخير منها
فيفتي به ويعمل به ؟،
قال : لا يعمل حتى يسأل ما يؤخذ به منها ،
فيكون يعمل على أمر صحيح ، ويسأل عن ذلك أهل العلم ].
إعلام الموقعين (4/179)
وقال النووي رحمه الله :
[ قال العلماء : الحديث ثلاثة أقسام , صحيح , وحسن , وضعيف .
قالوا : وإنما يجوز الاحتجاج من الحديث في الأحكام بالحديث الصحيح
أو الحسن ، فأما الضعيف فلا يجوز الاحتجاج به في الأحكام والعقائد ،
وتجوز روايته والعمل به في غير الأحكام ، كالقصص ,
وفضائل الأعمال , والترغيب والترهيب ] .
المجموع (1/98) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
[ لا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة
التي ليست صحيحة ولا حسنة ].
مجموع الفتاوى (1/250) .