{ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }
{ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ }
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
( لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ
لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا )
• الغدو :
السير والذهاب والتبكير أول النهار.
• الخَمْص :
الجوع وضمور البطن
• الرواح :
العودة والرجوع
• بطانا :
جمع بطين أي ممتلئة الأجواف
قال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم :
[ وهذا الحديثُ أصل في التوكُّل ،
وأنَّه من أعظم الأسباب التي يُستجلب بها الرزقُ ،
قال الله عز وجل :
{ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ }،
يعني : لو أنهم حقَّقوا التَّقوى والتوكل ؛ لاكتَفَوا بذلك في مصالح دينهم ودنياهم .
كما في حديث ابن عباس :
( احفَظِ اللهَ يَحفَظْكَ )
أخرجه الترمذي2440 وأحمد 2537 وصححه الألباني
قال بعضُ السلف :
[ بِحَسبِكَ من التوسل إليه أن يَعلَمَ من قلبك حُسنَ توكُّلك عليه ،
فكم من عبدٍ من عباده قد فوَّضَ إليه أمره ، فكفاه منه ما أهمّه . ]
وحقيقة التوكّل :
هو صدقُ اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح ،
ودفعِ المضارِّ من أمور الدنيا والآخرة كُلِّها ، وكِلَةُ الأمور كلّها إليه ،
وتحقيق الإيمان بأنه لا يُعطي ولا يمنعُ ولا يَضرُّ ولا ينفع سواه .
قال سعيدُ بنُ جبير :
[ التوكل جِماع الإيمان . ]
أخرجه : ابن أبي شيبة 29589
وقال وهب بن مُنبِّه :
[ الغاية القصوى التوكل ]
أخرجه : ابن عساكر في تاريخ دمشق 66/288 .
قال الحسن :
[ إنَّ توكلَ العبد على ربِّه أنْ يعلمَ أن الله هو ثقته ]
أخرجه : ابن أبي الدنيا 18 .
واعلم أنَّ تحقيق التوكل لا يُنافي السَّعي في الأسباب
التي قدَّر الله سبحانه المقدورات بها ، وجرت سُنَّته في خلقه بذلك ،
فإنَّ الله تعالى أمر بتعاطي الأسباب مع أمره بالتوكُّل ،
فالسَّعيُ في الأسباب بالجوارح طاعةٌ له ،
والتوكُّلُ بالقلب عليه إيمانٌ به ،
كما قال الله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ } ،
وقال :
{ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ } ،
وقال :
{ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ }.
وقال سهل التُّستَرِي :
[ من طعن في الحركة يعني في السعي والكسب فقد طعن في السُّنة ،
ومن طعن في التوكل ، فقد طعن في الإيمان ]
أخرجه البيهقي في شعب الإيمان 1289
فالتوكل حالُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ،
والكسب سنَّتُه ، فمن عمل على حاله ، فلا يتركنّ سنته . ]
رَبِّ اغْفِرْ لِيَّ وَلِوَالِدَيَّ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِيْ صَغِيْرَا
اللهمَّ ارْزُقْنا الْفِرْدَوْسَ الأعلى مِنْ غَيْرِ عِتَابٍ ولا حِسَابٍ ولا عَذَابْ