مَشِيئـه العَبدِ وَإختِيارَه
للعبد مَشيئةٌ واختيار بها يفعل ويترك ويُؤمن ويكفر ويُطيع ويَفجُر وعليها يُحاسَب مع أنَّ الله سُبحانه يَعلمُ ما يكونُ عليه وما سيختاره وكيف سيكونُ مَصيرُه .
اللهُ لم يَجبُر أحدًا على فِعل الشَّرِّ ولا اختيار الكُفر بل وَضَّحَ له الطريقَ وأرسل له الرُّسُلَ وأنزل له الكُتُب ودَلَّه على الصَّواب فمَن ضَلَّ فإنَّما يَضِلُّ على نفسه .
الإنسانُ يُؤمِنُ ويَعملُ والصالحاتِ باختياره ومشيئته فيَدخل الجنةَ أو يَكفُر ويَعمل السيئاتِ باختياره ومشيئته فيدخل النار فلَكَ مَشيئةٌ فاستهدِ رَبَّكَ يَهديك .
كُلُّ إنسانٍ يَعلمُ مِن نَفسِهِ وبالنَّظَرِ حولَه أنَّ أعمالَنا مِن خَيرٍ وشَرٍّ وطاعةٍ ومَعصية نفعلُها باختيارنا ولا نشعُر بسُلطةٍ تُجبِرُنا على فِعلها ، فاجعلها في طاعةٍ تُفلِح .
مَشيئةُ العَبد تستطيعُ أن تَسُبَّ وتَكذِبَ كما تستطيعُ أن تصدق وتستغفر وتستطيعُ أن تمشي إلى أماكن المُنكر كما تستطيعُ أن تمشي إلى أماكن الخَير والطاعة .
مَشيئةُ العَبدِ : يستطيعُ الإنسانُ أن يَضرِبَ بيدِهِ ويَسرِق ويُزوِّر ويَخون ويستطيعُ أن يُساعِدَ المحتاج ويبذل الخَير ويُقدِّمُ المَعروفَ بيده .
وكُلُّ نَفسٍ بما كسبت رهينة .
كُلُّ إنسانٍ يُؤدِّي شيئًا مِن الأعمال لا يَشعُرُ بالجَبرِ ولا بالقَهر بل يَفعلُها باختياره وإرادته ومِن ثَمَّ فإنَّه سيُحاسَبُ عليها إنْ خيرًا فخَير وإنْ شرًّا فشَرّ .
ما كتبه الله تعالى وقدَّره أمرٌ لا يَعلمُ به العَبد ولا يَصِحُّ له أن يَحتجَّ به كمَن يَنسِبُ فِعلَ المَعصيةِ إلى القَدَر فقد كَذَب فلَكَ مَشيئةٌ واختيار ولكنَّكَ غَوَيْتَ .
اللهُ لم يَظلِم الشَّقِيَّ بل أعطاه المُهلةَ والقُدرةَ والاختيار وأقامَ الحُجَّةَ عليه بالرُّسُلِ والكُتُب وذكَّره وأنذره لِيَهتديَي ولكنَّه اختار طريقَ الغِواية فشَقِيَ وعُذِّبَ .
﴿ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾
﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾
لك مشيئةٌ فاجعلها طاعة .
الإيمانُ بأنَّ اللهَ تعالى قَدَّرَ الأشياءَ وكَتَبَها لا يَعني أنَّه جَبَرَ عِبادَه على الطاعةِ أو المَعصيةِ بل أعطاهم الإرادةَ والاختيارَ فيها يفعلون وعليها يُحاسَبون . ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾
تدارك حياتَكَ فهي دارُ الابتلاءِ والاختبار فأحسِن المَشيئةَ والاختيار قبل أن يُقالَ لَكَ لا فِرار إمَّاجَنَّةٌ وإمَّا نار .
ان الله وضح لنا طريق الخير وطريق الشر وترك لنا الاختيار وهو يعلم ما سوف نفعل ونختار.
اللهم إجعل خطانا في هذه الدنيا على طريق الخير والهدى والتقى الذي يوصلنا برضاك ورحمتك إلى جنتك .