الإمام أبو الأعلى المودودي ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعد أبو الأعلى المودودي نموذجاً فريداً للداعية المجتهد الذي أوقف حياته على الدعوة إلى الإسلام ، و جعل رسالته في الحياة إعلاء كلمة الحق ، و كان لإخلاصه أكبر الأثر في التفاف الكثيرين حوله ، و انضوائهم تحت لواء فكره الذي تخطى حدود القومية؛ ليصبح راعية عالمياً للإسلام في كل مكان ..
ولد أبو الأعلى في مدينة "أورنك آباد الدكن" بالهند ، و تمتد جذوره إلى شبه الجزيرة العربية ، وكان أبوه معلمه الأول،حرص على تنشئته تنشئة دينية، و تلقينه قصص الأنبياء والتاريخ الإسلامي، كما علمه اللغة العربية والفارسية بالإضافة إلى الفقه والحديث ، و حفظ المودودي الموطأ في سن مبكرة .
و عندما أصيب والده بالشلل ، ضاقت حال أسرته، فكان عليه أن يكافح من أجل لقمة العيش، وقد وهبه الله ملكة الكتابة التي صقلها بالقراءة والمطالعة، فعمل بالصحافة و ألف اثنين من أوائل كتبه، أحدهما (النشاطات التبشيرية في تركية) والثاني بعنوان (مجازر اليونانيين في سمرنا) وفي هذين العنوانين ما يكفي لتصوير قلق مسلمي الهند على إخوانهم في تركية ، و هذا يدل على تفاعل المودودي الذي لم يتجاوز السابعة عشرة مع أحداث العالم الإسلامي، وبخاصة في دولة الخلافة .
ألف المودودي كتابه "الجهاد في الإسلام" الذي حقق شهرة عالمية ، وقد كتبه رداً على مزاعم غاندي التي يدعي فيها أن الإسلام انتشر بحد السيف .
كما أصدر عدة كتب منها : المصطلحات الأربعة الأساسية في القرآن ، و الإسلام و الجاهلية ، و دين الحق ، و الأسس الأخلاقية الإسلامية ، وغيرها .
ونتيجة لشهرته واتساع دائرة تأثيره دعاه المفكر محمد إقبال إلى لاهور ، فلبى المودودي دعوته. فتشابهت الشخصيتان وتلاقت أفكارهما في إطار يكاد يكون واحداً ..
أما عن علاقته مع سيد قطب ، يروى أنه قرأ له كتاب «معالم في الطريق» في ليلة واحدة، ثم قال : «كأني أنا الذي ألفت هذا الكتاب»، وأبدى دهشته من التقارب الفكري بينه وبين سيد قطب، ثم استدرك يقول: «لا عجب؛ فمصدر أفكاره و أفكاري واحد، وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم » .
وفي 1979 م فاز المودودي بجائزة الملك فيصل العالمية ؛ فكان أول من حصل على تلك الجائزة تقديراً لجهوده المخلصة في مجال خدمة الإسلام والمسلمين .